شق العصا وتفريق جماعة المسلمين
وضع الرسول صلى الله عليه وسلم حداً صارماً لشق العصا وتفريق جماعة المسلمين، فأمر بضرب عنق الخارج على الجماعة، المفرق لأمر هذه الأمة كائناً من
كان. وأمر بوفاء بيعة الأول فالأول، وإذا بويع لخليفتين فالواجب قتل الآخر منهما، أي الذي تكون بيعته متأخرة عن بيعة الأول منهما.
1- روى مسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما".
2- وروى البخاري ومسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء، فيكثرون".
قالوا: فما تأمرنا؟ قال:
"فو بيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم".
3- وروى مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إنه سيكون هناتٌ وهناتٌ، فمن أراد أن يُفرّق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائناً من كان ".
4- وروى مسلم عن عرفجة أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه".
5- وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر".
ثمرة قلبه: أي صدق المبايعة بإرادة حرة غير مكرهة.
طالب الولاية لا يولى
سن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة في الولايات والإمارات، هي أن لا يُولِّيَ على عمل فيه سلطة على الناس وأمر ونهي أحداً سأل هذا العمل، ولا أحداً
حرص عليه، أو أراده، ليقطع كل أسباب التطلع إلى السلطة، والتنازل عليها، والتنافس فيها، فالحريص على الإمارة لا يكون في الغالب إلا طالب جاه، أو دنيا، أما من يراها عبثاً ومسؤولية، فإنه يخاف من حملها، ويخشى أن يفتتن بها فيسقط في سخط الله، ويقع في المهالك، لذلك فهو لا يطلبها، بل يفر منها ما استطاع.
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله أمِّرنا على بعض ما ولاك الله. وقال الآخر مثل ذلك، قال:
"إنا والله لا نُولِّي على هذا العمل أحداً سأله، ولا أحداً حرص عليه".
وفي رواية قال: "لا نستعمل على عملنا من أراده".
وفي التحذير من الإمارات والتزهيد فيها، جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يلي:
1- روى البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فَنِعْمَ المرضعةُ وبئستِ الفاطمة".
أي: إنها آسرة محبوبة، شأنها كشأن المرضعة للرضيع، ولكن عاقبتها بعد الفطام والانفصال عنها عاقبة وخيمة، ما لم يكن الذي تولاها أميناً فيها، مؤدياً حقوقها.
2- وروى البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تسألِ الإمارة، فإنك أن أعطيتها عن مسألة وُكِلتَ إليها، وإن أُعطيتَها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها".
3- وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه".
لهذا الأمر: أي للحكم والسلطان.
لا يولى الإمارة إلا من هو أهل لها
الأهلية للإمارة وسائر الولايات شرط أساسي لتوليها، فلا يكفي لتوليها وصف التقوى وصلاح الدين فقط، أو الدهاء السياسي دون شرط الدين والتقوى.
إن كل عمل من الأعمال السلطانية والإدارية يتطلب قدرات ومهارات خاصة، إضافة إلى الوصف الأساسي العام، وهو التقوى وصلاح الدين، وهي أمانة فمن كان ضعيفاً عن حمل الأمانة فإنا لا تؤدى له، مهما كان تقياً ورعاً، أو عالماً متبحراً في مختلف بحور العلم.
قال الله عز وجل في سورة (النساء/4 مصحف/92 نزول) :
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} .
وولاية الإمارات أكبر الأمانات وأعظمها، فيجب أن تؤدى إلى أهلها، القادرين على حملها، والقيام بحقوقها وواجباتها , والنصح فيها، وعدم الافتتان بها.
ولما طلب أبو ذر من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستعمله، أبان له أنه ضعيف عن حمل أمانة الحكم والسلطان والإدارة.
روى مسلم عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال:
" يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها ".
وفي رواية، قال له:
" يا أبا ذر، إن أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم ".
وعنه عند الإمام أحمد، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: " ولا تقبض أمانةً ولا تقض بين اثنين ".
واجبات أولياء الأمر ومسؤولياتهم
عدا النصوص القرآنية التي تأمر بالحكم بما أنزل الله، وبالحكم بالحق والعدل، وبطاعة الرسول والاهتداء بهديه، ففي الأحاديث النبوية طائفة تبين واجبات أولياء الأمر ومسؤولياتهم الجسام تجاه الله عما استرعاهم من عباده، فمنها ما يلي:
1- روى البخاري ومسلم عن معقل بن يسار قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"ما من والٍ يلي رعيةً من المسلمين، فيموتُ وهو غاشٌ لهم، إلا حرم الله عليه الجنة".
فعلى ولي الأمر أن يكون ناصحاً لرعيته، يسعى في مصالحهم، وأن لا يكون غاشاً لهم.
2- وروى البخاري ومسلم عن معقل بن يسار أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما من عبد يسترعيه الله رعية، فلم يحطها بنصيحة، إلا لم يجد رائحة الجنة ".
فالمطلوب منه أن يحوطها من كل جوانبها وفي كل أمورها بالنصيحة، في القول والعمل والإدارة وكل ما هو من مهمات الإمارة والحكم.
وقد أبان الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "أن الدين النصيحة" وهو يشمل الراعي والرعية.
3- وروي عن مسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به".
فمن واجبات ذوي الأمر والحكم والسلطان، أن يرفقوا بالمسلمين، ولا يشقوا عليهم، في الأوامر والنواهي والتكاليف والشكليات الإدارية.
4- وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن المقسطين عن الله على منابر من نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا ".
5- وروى الترمذي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة، وأقربهم منه مجلساً إمام عادل. وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة، وأشدهم عذاباً وأبعدهم منه مجلساً إمام جائر".
قال الترمذي: حديث حسن غريب.
6- وروى الإمام أحمد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" ما من رجل يلي أمر عشرةٍ فما فوق ذلك، إلا أتاه الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه، فكه بره، أو أوبقه إثمه، أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة ".
أوبقه إثمه: أي أهلكه إثمه الذي ارتكب في إمارته.
7- وروى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن السلطان ظل الله في الأرض، يأوي إليه كل مظلوم من عباده، فإذا عدل كان له الأجر، وعلى الرعية الشكر، وإذا جار، كان عليه الإصر وعلى الرعية الصبر ".
الإصر: أي عقوبة الذنب والإثم.
8- وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا كلكم راعٍ , وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، المرأة راعية على بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته".
هذا الحديث شمل كل مسؤوليات الرعاية، من لدن الإمام الأكبر ذي السلطان على المسلمين، حتى العبد الراعي على مال سيده.
والمسؤولية تجعل المسؤول محاسباً عن كل كبير وصغير يصدر عنه في حدود ولايته وسلطانه، سواء أكانت الولاية كبرى أو صغرى.
لا تلي النساء أمور الرجال العامة
وضع الله قاعدة عامة للمجتمع الإسلامي، جعل الرجال فيها هم القوامين على النساء. سواء أكان ذلك في حدود الأسرة، أو في حدود المجتمع الكبير، أو في الدوائر الاجتماعية ما بينهما. ولا مانع من تولية المرأة على النساء، وفي دوائر اجتماعية خاصة بالنساء.
قال الله عز وجل في سورة (النساء/4 مصحف/92 نزول) :
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..} .
فالرجال هم القوامون على النساء، ولا قوامة للنساء على الرجال.
وروى البخاري عن أبي بكرة، قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى. قال:
"لن يُفْلِحَ قومٌ ولَّوْا أمرهم امرأة".
اسم الخليفة
تسمية صاحب الولاية الكبرى في المسلمين خليفة، اختيارٌ نبوي اقتبسه الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم، في خطاب الله لداود عليه السلام. قال الله عز وجل في سورة (ص/38 مصحف/38 نزول) :
{يادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الْحِسَابِ} .
وهذا الاقتباس النبوي نجده فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، سيكون بعدي خلفاء".
وهذا الاختيار النبوي قد أخذ به المسلمون الأولون، فأطلقوا على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم اسم الخلفاء الراشدين.
ولما تولى أبو بكر رضي الله عنه قال بعض المسلمين له: يا خليفة الله، فقال لهم: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. حسبي ذلك.
وشرط الخلافة أن تكون على منهاج حكم الرسول صلى الله عليه وسلم.
أنباء مستقبلية حدث بها الرسول حول الإمارات
حدث الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه أحاديث تشتمل على أخبار ستحدث في مستقبل الأيام، بعضها قد تحقق، وبعضها الآخر لم يأت زمان تحققه، فمما يتعلق بالحكم والإمارات منها ما يلي:
1- روى الإمام أحمد والترمذي وأبو داود عن سفينة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"الخلافة ثلاثون سنة، ثم تكون ملكاً".
ثم يقول "سفينة": أمسك، خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشرة، وخلافة عثمان اثنتي عشرة، وخلافة علي ستة. (أي: فمجموعها ثلاثون) .
هذا الحديث قد تحقق فعلاً، وبعد الثلاثين تحول الحم ملكاً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- وروى البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، قال: قلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:
"نعم".
قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟. قال:
"نعم، وفيه دخن.
قلت: وما دَخَنُه؟. قال:
"قومٌ يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر".
قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟. قال:
" نعم، دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها".
قلت: يا رسول الله، صفهم لنا. قال:
"هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا".
قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟. قال:
"تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".
قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟. قال:
"فاعتزل الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".
وفي رواية لمسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"يكون بعدي أئمة لا يهدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس".
قال حذيفة: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟. قال:
"تسمعُ وتطيع الأمير، وإن ضُرِبَ ظهرُك وأخِذَ مالكَ فَاسمع وأطع".
بطانة ولي الأمر
قد يكون ولي الأمر صالحاً، ولكن قد تكون له بطانة سيئة تأمره بالشر , وتحضه عليه، فمن استجاب لبطانة السوء هلك، والواجب على ولي الأمر أن لا يتخذ بطانة من الكافرين ولا من المنافقين مطلقاً.
وبطانة الرجل من يداخلونه ويخالطونه، ويطلعون على بواطن أمره، ويقدمون له المشورة والرأي.
قال الله عز وجل في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) :
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} .
بطانة من دونكم: أي مطلعين على بواطن أموركم من غيركم، كمستشارين، وأمناء سر، وأصدقاء، ومناصرين مداخلين، وغالباً ما يكون هؤلاء من فئة المنافقين. شبهوا بالبطانة، لأن بطانة الثوب تكون مما يلي جهة الجسد، بخلاف قماش ظاهر الثوب، فالبطانة مداخلة مخالطة مطلعة على البواطن.
لا يألونكم خبالاً: أي لا يقصرون في إفساد أموركم، وإحباط
أعمالكم ومساعيكم الحسنة الصالحة البرة.
ودوا ما عنتم: أي ودوا مشقتكم وتحميلكم المتاعب.
قد بدت البغضاء من أفواههم: أي من فلتات ألسنتهم، وهذا من علامات نفاقهم، وأنهم في حقيقة أمرهم مبغضون أعداء.
وما تخفي صدورهم أكبر: أي هو أكبر مما تظهره ألسنتهم، من فلتات تكشف عن حقيقة ما في قلوبهم نحوكم.
قد بينا لكم الآيات إن كنت تعقلون: أي قد بينا لكم العلامات التي تكشف لكم إن كنتم تعقلون، حقيقةَ بطانة السوء الذين يجب عليكم أن تستبعدوهم متى وضحت لكم أمارات نفاقهم، وبغضهم لكم ولدينكم، ولكل ما يؤيد الدين وجماعة المسلمين.
وروى البخاري عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"وما بعث الله من نبي، ولا استخلف خليفة، إلا كان له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله".
أما السبب الذي به يعصم الله ذا الولاية الصالح في نفسه من بطانة السوء، فيرجع إلى أمور منها:
1- تحكيم كتاب الله، والالتزام بأحكام الشرع.
2- عدم الركون إلى الذين تبدو عليهم أمارات الفتنة، والإبعاد عن منهج الله.
3- التفرس الدائم لمعرفة بطانة السوء واستبعادها.
4- الاستخارة وصدق التوكل على الله والالتجاء إليه.
خاتمة الكتاب
هذا ما فتح الله به علي في موضوع المذاهب الفكرية المعاصرة، وكشف زيوفها، ورسم مخططاتها التزيفية، وبيان أصول مغالطاتها، ومقارنتها بما جاء في الإسلام من حق وخير، وهداية إلى سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
وكان الفراغ من كتابة هذا السِّفر قرب أذان الظهر، من يوم الخميس، الواقع أول شهر صفر، من العام الهجري القمري (1405) الموافق للخامس والعشرين من شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الميلادي الشمسي (1984) في مكة حرسها الله وصانها، وزادها أمناً وخيراً وتمكيناً، وعطاءً وبراً، ورزق أهلها استقامة وتقوى وشكراً.
ومع حمد الله والثناء عليه وشكره على توفيقه لكتابه هذا السفر، والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وآل كل وصحب كلٍ أجمعين. أسأل الله العلي القدير أن ينفع به، ويبصر به أجيال الأمة الإسلامية، حتى تعرف زيوف المضلين أعداء الإسلام، وأعداء الحق والخير والفضيلة، وتعرف حقاً كمال الإسلام، وما فيه للناس من خير عظيم ونفع جسيم وسعادة عاجلة وآجلة للأفراد والمجتمعات.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم يا منان، واستعملنا في مراضيك، واجعلنا من أهل طاعتك، ومن المتقين الأبرار المحسنين.
وجزى الله خيراً من اطلع عليه، وأهدى إليَّ عيوبي، وانتفع بما فيه من صواب، وأرشد الناس ونفع، وأدى حق دينه عليه، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ودعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا وعلى آله وصحبه أجمعين.
مكة المكرمة في 1 صفر 1405 هجرية و25 تشرين الأول 1984 ميلادية
عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني
أستاذ مادة الغزو الفكري ومادة المذاهب الفكرية المعاصرة في البكالوريوس، والدراسات العليا بجامعة أم القرى
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
RSS RSS 2.0 XML MAP
html PHP
info tags Maps maptags vbmaps
المفضلات