إذا كانت هذه زيارتك الأولى يرجى الاطلاع على الرابط التالي الأسئلة ولكي تتمكن من كتابة مواضيع وإرسال رسائل خاصة لابد لك منالتسجيل
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 15 من 15

الموضوع: السادة الأشاعرة

  1. #11
    Administrator
    رقم العضوية : 1
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات: 1,358
    التقييم: 10
    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (11)


    قَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْقَاضِي طَاشْكُبْرِي زَادَه الْحَنَفِي (ت:968هـ): ((ثُـمَّ اعْلَم أَنَّ رَئِيْسَ أَهْلَ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي "عِلْمِ الْكَلَامِ" رَجُلَانِ: أَحَدُهَمَا حَنَفِيٌّ، وَالآخَر شَافِعِيٌّ.


    أَمَّا الْحَنَفِيُّ: فَهُوَ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّد بْن مَحْمُودٍ الْـمَاتُرِيدِي، إِمَامُ الْـهُدَى. لَهُ: كِتَاب "الْتَّوْحِيْدِ"، وَكِتَاب "الْـمَقَالَاتِ"، وَكِتَاب "تَأْوِيْلَات الْقُرْآن"، وَلَهُ كُتُبٌ فِي الْرَّدِّ عَلَى الْـمُعْتَزِلَةِ وَالْقَرَامِطَةِ وَالْرَّوَافِضِ، وَلَهُ كِتَاب "مَأْخَذ الْشَّرَائِعِ" فِي أًصُولِ الْفِقْهِ، وَكِتَاب "الْجَدَل" فِي أُصُولِ الْفِقْهِ...


    وَأَمَّا الْآخَر الْشَّافِعِيُّ: فَهُوَ شَيْخُ الْسُّنَّةِ، وَرَئِيْسُ الْجَمَاعَةِ، إِمَامُ الْـمُتَكَلِّمِيْنَ، وَنَاصِرُ سُنَّةِ سَيِّدِ الْـمُرْسَلِيْنَ، وَالْذَّابُّ عَنِ الْدِّيْنِ، وَالْسَّاعِي فِي حِفْظِ عَقَائِدِ الْـمُسْلِمِيْنَ: أَبُو الْحَسَنَ الْأَشْعَرِي الْبَصْرِي، إِمَامٌ حَبْرٌ، وَتَقِيٌّ بَرٌّ، يُنَقِّي الْصُّدُور مِنَ الْشُّبَهِ كَـمَا يُنَقَّى الْثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْدَّنَس، وَالْـمُرْتَقِي بِأَنْوَارِ الْيَقِيْنِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي وَرَطَاتِ مَا الْتَبَس، حَامِي جَنَاب الْشَّرْعِ الْشَّرِيفِ مِنَ الْحَدِيْثِ الْـمُفْتَرَي، الَّذِي قَامَ فِي نُصْرَةِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، فَنَصَرَهَا نَصْراً مُؤَزَّراً))(1)


    وَقَالَ أَيْضًا: ((وَلَوْ رَأَت هَذِهِ الْأَئِمَّة (2) أَبَا الْحَسَنَ الْأَشْعَرِي، أَوْ سَمِعُوا مَقَالَتَهُ، لَأَنْزَلُوهُ مَنْزِلَة أَحَبّ أَبْنَائِهِم، وَجَعَلُوا أَتْبَاعَ طَرِيْقَته أَسَاس إِيْمَانهم، فَضْلًا عَنِ الاِنْكَارِ، وَالْعُدُولِ عَنْ فَضِيْلَةِ الاِقْرَارِ.


    وَمِـمَّا يَدُلُّ عَلَى حَقِّيَّةِ مَذْهَبِه، ارْتِضَاء مَنْ يَخْلفُ بَعْدَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ أَسَاطِيْن الْحِكْمَةِ، وَرُؤَسَاء الْكَلَامِ، بَلْ الْـمَشَايِخ الْعَارِفُونَ مِنْ أَهْلِ الْتَّصْفِيَةِ وَالْذَّوْقِ. وَلَـمْ يُنْقَل عَنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، مِنْ مَبْدَأ ظُهُورِ الْأَشْعَرِي إِلَى زَمَانِنَا هَذَا، وَهُوَ ثَمَان وَأَرْبَعُونَ وَتِسْعمَائَة مِنَ الْهِجْرَةِ، إِنْكَار شَيْءٍ مِنْ مَذْهَبِهِ وَلَوْ فِي شَيْءٍ قَلِيْلٍ(3). وَلَا شَكَّ أَنَّ اتِّفَاقَ الْأُمَّةِ وَالْـمُدَّة هَذِهِ عَلَى الْضَّلَالِ مِنْ قَبِيْلِ الْـمُمْتَنِعِ وَالْـمُحَالِ))(4)
    ___________________
    (1) مِفْتَاحُ الْسَّعَادَةِ وَمِصْبَاحُ الْسِّيَادَةِ فِي مَوْضُوعَاتِ الْعُلُومِ لِلْعَلَّامَة طَاش كُبْرِي زَادَه (2/133-134)، دَارُ الْكُتُب الْعِلْمِيَّة: بَيْرُوت-لُبْنَان، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1405هـ-1985م
    (2) أَئِمَّة الْـمَذَاهِب الْأَرْبَعَة الْسُّنِّيَّة وَمَشَايِخهم مِنَ الْسَّلَف...
    (3) الْـمَقْصُود الاِنْكَار فِي الْأَصْلِيَّات لَا مُجَرَّد وُقُوع الاِخْتِلَاف فِي بَعْضِ الْفَرعِيَّات...
    (4) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (2/149-150)


    كتبه : فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع
    لا اله الا الله محمد رسول الله

  2. #12
    Administrator
    رقم العضوية : 1
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات: 1,358
    التقييم: 10
    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (12)


    قَالَ الْإِمَامُ الْهُمَامُ الْوَلِيُّ الْصَّالِحُ أَبُو زَكَرِيَّا مُحْيِ الْدِّيْن الْنَّوَوِي (ت:676هـ) عِنْدَ تَرْجَمَةِ الْأُسْتَاذ الْإِسْفَرَايِنِي الْأَشْعَرِي (ت:471هـ): ((وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَحَد الْثَّلَاثَةِ الَّذِيْنَ اجْتَمَعُوا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ عَلَى نَصْرِ #مَذْهَبِ_الْحَدِيثِ_وَالْسُّنَّةِ فِي #الْمَسَائِلِ_الْكَلَامِيَّةِ، الْقَائِمِيْنَ #بِنُصْرَةِ_مَذْهَبِ_الْشَّيْخِ_أَبِي_الْحَسَن_الْ أَشْعَرِي، وَهُمْ: الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاق الْإِسْفِرَايِنِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، وَالْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بْن فُورَك))(1)


    ___________________
    (1) تَهْذِيبُ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلْإِمَام الْنَّوَوِي (2/170)، إِدَارَةُ الْطِّبَاعَةِ الْـمُنِيرِيَّة - دَارُ الْكُتُبِ الْعِلْمِيَّةِ: بَيْرُوت - لُبْنَان




    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (13)


    وَفِي اسْتِفْتَاءٍ رُفعَ إِلَى مَسَامِعِ كِبَارِ الْأَئِمَّةِ فِي عَصْرِهِم: مُفْتِي الْعِرَاق الْقَاضِي مُحَمَّد بْن عَلِيِّ الْدَّامَغَانِي الْحَنَفِي (ت:478هـ)، وَالْإِمَام الْعَلاَّمَة الْأُصُولِي إِبْرَاهِيم بْن عَلِيِّ الْفَيْرُوزَابَادِي الْشِّيرَازِي الْشَّافِعِي (ت:476هـ) الَّذِي انْتَهَت إِلَيْهِ رِئَاسَة الْشَّافِعِيَّة فِي عَصْرِهِ، وَالْإِمَام الْعَلَّامَة شَيْخ الْشَّافِعِيَّةِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد الْشَّاشِي (ت:507هـ)، جَاءَ فِيْهِ عَلَى مَا نَقَله الْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ت:571هـ) مَا نَصُّهُ: ((مَا قَوْلُ الْسَّادَةِ الْجِلَّةِ الْأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ أَحْسَنَ اللَّهُ تَوْفِيْقَهُم وَرَضِيَ عَنْهُم فِي قَوْمٍ اجْتَمَعُوا عَلَى لَعْنِ فِرْقَة الْأَشْعَرِي وَتَكْفِيرِهِم؟ مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِم فِي هَذَا الْقَوْل؟ يُفْتُونَا فِي ذَلِك مُنَعِّمِينَ مُثَابِيْنَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)) فَجَاءَ نَصُّ الْفَتْوَى: ((الْجَوَابُ وبِاللَّهِ الْتَّوْفِيق: إِنَّ كُلَّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى لَعْنِ فِرْقَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَكْفِيرِهِم فَقَد ابْتَدَعَ وَارْتَكَبَ مَالَا يَجُوزُ الْإِقْدَام عَلَيْهِ، وَعَلَى الْنَّاظِرِ فِي الْأُمُورِ أَعَزَّ اللَّهُ أَنْصَارهُ الْإِنْكَار عَلَيْهِ وَتَأْدِيبه بِمَا يَرْتَدِعُ هُوَ وَأَمْثَاله عَنِ ارْتِكَابِ مِثْلِهِ. وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الْدَّامَغَانِي.


    وَبَعْدَهُ: الْجَوَاب وبِاللَّهِ الْتَّوْفِيق: إِنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ أَعْيَانُ الْسُّنَّةِ، وَنُصَّارُ الْشَّرِيعَةِ، انْتَصَبُوا لِلرَّدِّ عَلَى الْـمُبْتَدِعَةِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْرَّافِضَةِ وَغَيْرهم، فَمَنْ طَعَنَ فِيْهِم فَقَدْ طَعَنَ عَلَى أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَإِذَا رُفِعَ أَمْر مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَى الْنَّاظِرِ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَأْدِيْبهُ بِمَا يَرْتَدِع بِهِ كُلُّ أَحَدٍ. وَكَتَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ الْفَيْرُوزَبَاذِي. وَبَعْدَهُ: جَوَابِي مِثْلهُ. وَكَتَبَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْشَّاشِي))


    وَبَعْدَ نَقْلِهِ لِلْفَتْوَى الْـمَذْكُورَة عَقَّبَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر قَائِلًا: ((فهَذِهِ أَجْوِبَةُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الَّذِيْنَ كَانُوا فِي عَصْرِهِم عُلَمَاء الْأُمَّةِ، فَأَمَّا قَاضِي الْقُضَاة أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَنِيفِي الْدَّامَغَانِي فَكَانَ يُقَالُ لَهُ فِي عَصْرِهِ أَبُو حَنِيْفَةَ الْثَّانِي، وَأَمَّا الْشَّيْخ الْإِمَام أَبُو إِسْحَاق فَقَدْ طَبَقَ ذِكْر فَضْلِهِ الْآفَاق، وَأَمَّا الْشَّيْخُ الْإمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْشَّاشِي فَلَا يَخْفَى مَحَلّهُ عَلَى مُنْتَهٍ فِي الْعِلْمِ وَلَا نَاشِئ، فَمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلسَّدَادِ وَعَصَمَهُ مِنَ الْشِّقَاقِ وَالْعِنَادِ انْتَهَى إِلَى مَا ذَكَرُوا وَاكْتَفَى مِمَّا عَنْهُ أَخْبَرُوا))(1)
    ______________
    (1) تَبْيِينُ كَذِبِ الْـمُفْتَرِي فِيْمَا نُسَبَ إِلَى الْإِمَام أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ص:332-333)، تَقْدِيْم وَتَعْلِيق: الْعَلَّامَة زَاهِد الْكَوْثَرِي، مَطْبَعَة الْتَّوْفِيق بِدِمَشْق: 1347هـ


    كتبه :فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع
    لا اله الا الله محمد رسول الله

  3. #13
    Administrator
    رقم العضوية : 1
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات: 1,358
    التقييم: 10
    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (14)


    قَالَ الإِمَام الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ): ((وَإِنَّـمَا سُمِّيَتِ #الْأَشْعَرِيَّة_أَهْل_الْسُّنَّةِ؛ #لاِتِّبَاعِهِم_الْسُّنَّة هَكَذَا، #وَمُوَافَقَتهم_لَهَا))(1)


    وَقَالَ الْإِمَام الْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (ت:544هـ) أَيْضًا مُؤَكِّدًا أَنَّ أُصُول الْعَقِيدَة الْأَشْعَرِيَّة هِيَ نَفْسهَا أُصُول عَقِيْدَة أَهْل الْسُّنَةِ وَالْجَمَاعَةِ، مَا نَصَّهُ: ((وَصَنَّفَ [الإِمَام الْأَشْعَرِي] لِأَهْلِ الْسُّنَّةِ الْتَّصَانِيف، وَأَقَامَ الْحُجَج عَلَى إِثْبَاتِ الْسُّنَّةِ وَمَا نَفَاهُ أَهْل الْبِدَعِ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى، وَرُؤْيَتِهِ، وَقِدَم كَلَامِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَأُمُور الْسَّمْعِ الْوَارِدَةِ مِنَ الْصِّرَاطِ، وَالْـمِيزَانِ، وَالْشَّفَاعَةِ، وَالْحَوْضِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ الَّتِي نَفَتْ الْـمُعْتَزِلَة، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ #مَذَاهِبِ_أَهْلِ_الْسُّنَّةِ_وَالْحَدِيثِ، فَأَقَامَ الْحُجَج الْوَاضِحَة عَلَيْهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالْسُّنَّةِ وَالْدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ الْعَقْلِيَّةِ، وَدَفَعَ شُبَهَ الْـمُبْتَدِعَةِ وَمَنْ بَعْدَهُم مِنَ الْـمُلْحِدَةِ وَالْرَّافِضَةِ، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ الْتَّصَانِيف الْـمَبْسُوطَةِ الَّتِي نَفَعَ اللهُ بِهَا الْأُمَّة، وَنَاظَرَ الْـمُعْتَزِلَة، وَكَانَ يَقْصدهُم بِنَفْسِهِ لِلْمُنَاظَرَةِ))(2)


    وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ) مُقِرًّا بِفَضْلِ الْإِمَام الْأَشْعَرِي وَأَتْبَاعه أَيْ: الْسَّادَة الْأَشْعَرِيَّة: ((فَلَمَّا كَثُرَتْ تَوَالِيفهُ [الْإِمَام الْأَشْعَرِي]، وَانْتُفِعَ بِقَوْلِهِ، وَظَهَرَ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ ذَبُّهُ عَنِ الْسُّنَنِ وَالْدِّيْنِ، #تَعَلَّقَ_بِكُتُبِهِ_أَهْلُ_الْسُّنَّةِ، #وَأَخَذُوا_عَنْهُ، #وَدَرَسُوا_عَلَيْهِ، #وَتَفَقَّهُوا_فِي_طَرِيْقِهِ، #وَكَثُرَ_طَلَبَتُهُ_وَأَتْبَاعُهُ لِتَعَلُّمِ تِلْكَ الْطُّرُق فِي الْذَّبِّ عَنِ الْسُّنَّةِ، وَبَسْطِ الْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ فِي نَصْرِ الْـمِلَّةِ، #فَسُمُّوا_بِاسْمِهِ [الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة أَوْ الْأَشْعَرِيَّة]، وَتلَاهُم أَتْبَاعهم وَطَلَبَتهم، فعُرِفُوا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانُوا يُعْرَفُونَ قَبْلَ ذَلِكَ بِـ: الْـمُثْبِتَةِ، سِمَة عَرَّفَتْهُم بِهَا: الْـمُعْتَزِلَةُ، إِذْ أَثْبَتُوا مِنَ الْسُّنَّةِ وَالْشَّرعِ مَا نَفَوْهُ، أَوْ الْأَشْعَرِيَّة.


    فَبِهَذِهِ الْسِّمَة أَوَّلًا كَانَ يُعْرَفُ أَئِمَّة الْذَّبِّ عَنِ الْسُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، كَالْـمُحَاسِبِي، وَابْنِ كُلَّاب، وَعَبْد الْعَزِيْز بْن عَبْد الْـمَلِك الْـمَكِّي، وَالْكَرَابِيْسِي إِلَى أَنْ جَاءَ أَبُو الْحَسَن، وَأَشْهَرَ نَفْسَهُ، فَنُسِبَ طَلَبَتهُ وَالْـمُتَفَقِّهَة عَلَيْهِ فِي عِلْمِهِ بِنَسَبَهِ، كَمَا نُسِبَ أَصْحَاب الْشَّافِعِي إِلَى نَسَبِهِ [الْشَّافِعِيَّة]، وَأَصْحَاب مَالِك وَأَبِي حَنِيْفَة وَغَيْرهم مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَى أَسْمَاءِ أَئِمَّتِهِم، الَّذِيْنَ دَرَسُوا كُتُبهم، وَتَفَقَّهُوا بِطُرُقِهِم فِي الْشَّرِيعَةِ، وَهُمْ لَـمْ يُحْدِثُوا فِيْهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا.
    فَكَذَلِكَ أَبُو الْحَسَن [الأَشْعَرِي]، #فَأَهْلُ_الْسُّنَّةِ مِنْ #أَهْلِ_الْـمَشْرِقِ_وَالْـمَغْرِبِ #بِحُجَجِهِ_يَحْتَجُّونَ، #وَعَلَى_مِنْهَاجِهِ_يَذْهَبُونَ، وَفقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْر وَاحِدٍ مِنْهُم، وَأَثْنَواْ عَلَى مَذْهَبِهِ وَطَرِيْقِهِ))(3)


    ثُـمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ) بَعْض الْـمُخَالِفِيْنَ لِطَرِيق الْإِمَام الْأَشْعَرِي فَقَالَ: ((وَإِنَّمَا جَاءَ خِلَاف ذَلِكَ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيْفَة، مَذْهَبهم الاِعْتِزَال فِي الْأُصُولِ، كَعَبْدِ الْجَبَّار قَاضِي الْرَّي، وَالْتَّنُوخِي، وَأَمْثَالهم مِنْ غُلَاةِ الْـمُعْتَزِلَةِ وَدُعَاتهم، وَمِنْ قَوْمٍ أَيْضًا يَنْتَسِبُونَ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَل، #غَلَواْ_فِي_تَرْكِ_الْتَّأْوِيْلِ، حَتَّى #وَقَعُوا_فِي_الْتَّشْبِيْهِ، وَأَكْثَرهُم لَيْسَ مِنَ الْعِلْمِ بِسَبِيلٍ، وَلَكِنَّهُم لاِنْتِسَابِهِم إِلَى الْسُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، قَبِلَتْ الْعَامَّةُ أَقْوَالهم، وَلَـمْ تَنْفِر مِنْهُم نُفُورهَا مِنْ أُوْلَئِكَ الْأُخَر، فَقَرَّرُوا عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، وَأَضَافُوا إِلَيْهِ مِنَ الْـمَقَالَاتِ مَا أَفْنَى عُمْرَهُ فِي تَكْذِيْبِ قَائِلِهَا وَتَضْلِيلِهِ))(4)


    وَكَلَام القَاضِي فِي صَنِيْعِ هَؤُلَاءِ الْمُجَسِّمَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث وَاسْتِكْثَارهم بِالْعَامَّةِ هُوَ ذَاته دَيْدن أَحْفَادهم الْيَوْم أَعْنِي: الْمُجَسِّمَة الْتَّيْمِيَّة مِنْ أَدْعِيَاء الْسَّلَفِيَّةِ وَالْوَهَّابِيَّةِ...وَلَكِن فِتْنَة هَؤُلَاءِ فَاقَتْ بِدْعَة سَلَفهم بِكَثِيْرٍ كَوْنهَا مَدْعُومَة بِأَمْوَالِ دَوْلَة الْبِتْرُودُولَار الْوَهَّابِيَّة!...
    ____________
    (1) إِكمَالُ الْـمُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم لِلْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (8/132)، تَحْقِيْق: الْدُّكْتُور يَحْيَى إِسْمَاعِيْل، دَارُ الْوَفَاءِ لِلطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: مِصْر، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1419هـ-1998م
    (2) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك لِلْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (5/24)، تَحْقِيْق: الْدُّكْتُور مُحَمَّد بن شرِيْفَة، وَزَارة الأَوْقَاف وَالْشُّؤُون الْإِسْلاَمِيَّة: الْـمَمْلَكَة الـْمَغْرِبِيَّة
    (3) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك لِلْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (5/25)
    (4) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك لِلْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (5/26)


    كتبه : فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع
    لا اله الا الله محمد رسول الله

  4. #14
    Administrator
    رقم العضوية : 1
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات: 1,358
    التقييم: 10
    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (15)


    قَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ ذُو الْفُنُونِ قَاضِي الْـمَالِكِيَّة أَبُو الْوَلِيدِ الْأَنْدَلُسِيُّ الْقُرْطُبِيُّ الْبَاجِيُّ (ت:474هـ): ((وَقَدْ اعْتَمَدْتُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى إيرَادِ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ وَالْحَدِيثِ لِمَا فِي أَقْوَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْغُمُوضِ، وَمَا فِي احْتِجَاجِهِمْ مَعَ الْمُخَالِفِ مِنْ الْتَّطْوِيلِ، وَقَدْ بَلَغَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ الْمَالِكِيُّ [الْبَاقِلَّانِيُّ] فِي كُتُبِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ بِالطَّالِبِ إلَّا الْيَسِيرُ مِنْهُ، وَكَانَ الْشَّيْخُ #أَبُو_ذَرٍّ_مُحَمَّدُ_بْنُ_أَحْمَدَ_الْهَرَوِيُّ مَالِكِيًّا، وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ، وَكَانَ الْشَّيْخُ #_أَبُو_عِمْرَانَ_مُوسَى_بْنُ_حَاجٍّ_الْفَاسِيُّ قَدْ رَحَلَ إلَيْهِ وَأَخَذَ عَنْهُ وَتَبِعَهُ، وَكَانَ الْشَّيْخُ #أَبُو_مُحَمَّدِ_بْنُ_أَبِي_زَيْدٍ وَالْشَّيْخُ #أَبُو_الْحَسَنِ_عَلِيُّ_بْنُ_مُحَمَّدٍ_الْقَابِسِ يُّ يَتَّبِعَانِ مَذْهَبَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقَاضِي #أَبُو_مُحَمَّدٍ_عَبْدُ_الْوَهَّابِ_بْنُ_نَصْرٍ، وَهُوَ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ وَاتَّبَعَهُ، وَعَلَى ذَلِكَ #أَدْرَكْتُ_عُلَمَاءَ_شُيُوخِنَا_بِالْمَشْرِقِ، #وَأَهْلِ_هَذِهِ_الْمَقَالَةِ_هُمْ_الَّذِينَ_يُشَا رُ_إلَيْهِمْ_بِأَنَّهُمْ: #أَهْلُ_الْسُّنَّةِ))(1)


    وَهَذَا نَصٌّ مِنْ إِمَامٍ عَارِفٍ فِي الْـمَذْهَبِ يُؤَكِّد فِيْهِ بِمَكَانٍ أَشْعَرِيَّة الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي وَكِبَار عُلَمَاء الْـمَذْهَب الْـمَالِكِي...
    _____________________
    (1) الْـمُنْتَقَى شَرْح مُوَطَّأ مَالِك لِلْقَاضِي أَبِي الْوَلِيد الْبَاجِي (7/204)، مَطْبَعَةُ الْسَّعَادَة: مِصْر، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1332هـ


    كتبه : فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع
    لا اله الا الله محمد رسول الله

  5. #15
    Administrator
    رقم العضوية : 1
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات: 1,358
    التقييم: 10
    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (16)


    ذَكَرَ سُلْطَانُ الْعُلَمَاءِ وَبَائِعُ الْأُمَرَاءِ نَاصِرُ الْسُّنَّةِ وَقَامِعُ الْبِدْعَةِ الْإِمَامُ الْـهُمَامُ الْـمُجَاهِدُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عِزُّ الْدِّيْن بْنُ عَبْدِ الْسَّلَام (ت:660هـ) أَنَّ أُصُول الْعَقِيْدَة الْأَشْعَرِيَّة: ((#اجْتَمَعَ_عَلَيْهَا: #الْشَّافِعِيَّةُ، #وَالْمَالِكِيَّةُ، #وَالْحَنَفِيَّةُ، #وَفُضَلَاءُ_الْحَنَابِلَةِ)) وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ: الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْمُقْرِئُ الْأُصُولِيُّ الْفَقِيهُ الْنَّحْوِيُّ جَمَالُ الْأَئِمَّةِ وَالْمِلَّةِ وَالْدِّينِ شَيْخُ الْمَالِكِيَّةِ فِي زَمَانِهِ أَبُو عَمْرٍو بْنُ الْحَاجِبِ (ت:646هـ)، وَالْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ جَمَالُ الْدِّينِ الْحَصِيرِيُّ (ت:636هـ)(1)
    ______________
    (1) طَبَقَاتُ الْشَّافِعِيَّةِ الْكُبْرَى لِلتَّاج الْسُّبْكِي (3/365)، تَحْقِيق: د.مَحْمُود مُحَمَّد الْطَّنَّاحِي - د.عَبْد الفَتَّاح مُحَمَّد الحلُوْ، هَجْر لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِية:1413هـ


    كتبه : فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع






    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (17)


    قَالَ الْإِمَامُ الْفَقِيْهُ الْأُصُولِيُّ الْـمُؤَرِّخُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الْدِّيْن الْسُّبْكِي الْشَّافِعِيُّ (ت:771هـ): ((اعْلَم أَنَّ أَبَا الْحَسَن [الْأَشْعَرِي] لَـمْ يُبْدِع رَأْيًا، وَلَـمْ يُنْشِ مَذْهَبًا، وَإِنَّمَا هُوَ مُقَرِّرٌ لِـمذَاهِبِ الْسَّلَفِ، مُنَاضِلٌ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ صَحَابَة رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، فَالِانْتِسَاب إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَى طَرِيقِ الْسَّلَفِ نِطَاقًا، وَتَمَسَّكَ بِهِ، وَأقَامَ الْحُجَج وَالْبَرَاهِين عَلَيْهِ، فَصَارَ الْـمُقَتَدِي بِهِ فِي ذَلِكَ، الْسَّالِكُ سَبِيلَهُ فِي الْدَّلَائِلِ يُسَمَّى: أَشْعَرِيًّا.


    وَلَقَدْ قُلْتُ مَرَّةً لِلشَّيْخِ الْإِمَام [وَالِدهُ الْتَّقِي الْسُّبْكِي] رَحِمَهُ اللهُ: أَنَا أَعْجَبُ مِنَ الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِر فِي عَدَّهِ طَوَائِفَ مِنْ أَتْبَاعِ الْشَّيْخ، وَلَـمْ يَذْكُر إِلَّا نَزْراً يَسِيْراً، وَعَدَدًا قَلِيْلًا، وَلَوْ وَفَّى الِاسْتِيعَابَ حَقَّهُ لَاسْتَوْعَبَ غَالِب عُلَمَاء الْمَذَاهِب الْأَرْبَعَةِ، فَإِنَّهُم بِرَأْيِ أَبِي الْحَسَن [الْأَشْعَرِي] يَدِينُونَ اللهَ تَعَالَى، فَقَالَ: إِنَّمَا ذَكَرَ مَن اشْتَهَرَ بِالْـمُنَاضَلَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَن، وَإِلَّا فَالْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّ غَالِبَ عُلَمَاءِ الْمذَاهِبِ مَعَهُ)) (1)
    ______________
    (1) طَبَقَاتُ الْشَّافِعِيَّةِ الْكُبْرَى لِلتَّاج الْسُّبْكِي (3/365)، تَحْقِيق: د.مَحْمُود مُحَمَّد الْطَّنَّاحِي - د.عَبْد الفَتَّاح مُحَمَّد الحلُوْ، هَجْر لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ، الْطَّبْعَةُ الْثَّانِية:1413هـ


    كتبه :فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع




    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (18)


    وَجَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيْثِيَّة لِخَاتِمَةِ الْـمُحَقِّقِيْنَ الْشِّهَاب ابْن حَجَر الْهَيْتَمِي الْشَّافِعِي (ت:974هـ)): ((وَسُئِلَ نَفَعَ اللهُ بِهِ، بِمَا لَفْظهُ: طَعَنَ بَعْضُ الْنَّاسِ فِي أَبِي الْحَسَن وَأَبِي إِسْحَق الْأَشْعَرِيَّيْنِ، وَالْبَاقِلَّانِي وَابْنِ فُورَك وَأَبِي الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْبَاجِي وَغَيْرهم مِمَّن تَكَلَّمَ فِي الْأُصُولِ، وَرَدَّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، بَل رُبَّمَا بَالَغَ بَعْض الْـمُلْحِدَةِ فَادَّعَى كُفْرهُم فَهَل هَؤُلَاءِ كَمَا قَالَ ذَلِك الْطَّاعِن أَوْ لَا؟


    فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَيْسُوا كَمَا قَالَ ذَلِك الْخَارِق الْـمَارِق الْـمُجَازِف الْضَّالّ الْغَال الْجَاهِل الْـمَائِل، بَلْ هُم [أَئِمَّةُ] الْدِّيْنِ، وَفُحُولُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ الِاقْتِدَاء بِهِم لِقِيَامِهِم بِنُصْرَةِ الْشَّرِيعَةِ، وَإِيْضَاحِ الْـمُشْكِلَاتِ، ورَدِّ شُبَهِ أَهْلِ الْزَّيْغِ، وَمَا يَجِبُ مِنَ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْدِّيَانَاتِ لِعِلْمِهِم بِاللَّهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ، وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ، وَمَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ، وَلَا يُعْرَفُ الْوُصُول إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْأُصُول...وَالْوَاجِب الِاعْتِرَاف بِفَضْلِ أُوْلَئِكَ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْسُّؤَالِ وَسَابِقِيهِم، وَأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْـمُرَادِيْنَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ: "يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ" فَلَا يعْتَقِدُ ضَلَالَتهم إِلَّا أَحْمَقٌ جَاهِلٌ أَوْ مُبْتَدِعٌ زَائِغٌ عَنِ الْحَقِّ، وَلَا يَسُبّهُم إِلَّا فَاسِقٌ، فَيَنْبَغِي تَبْصِيرُ الْجَاهِلِ، وَتَأْدِيبُ الْفَاسِقِ، وَاسْتِتَابَةُ الْـمُبْتَدِعِ...))(1)


    وَقَالَ أَيْضًا: ((((وَالْمُرَادُ بِالْسُّنَّةِ مَا عَلَيْهِ إِمَامَا أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: الْشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ، وَالْبِدْعَةُ مَا عَلَيْهِ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُخَالِفَةِ لِاعْتِقَادِ هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ وَجَمِيعِ أَتْبَاعِهِمَا))(2)
    ___________________
    (1) الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّة لِخَاتِمَة الْـمُحَقِّقِيْنَ الْشِّهَاب ابْن حَجَر الْهَيْتَمِي الْشَّافِعِي (ص:205)، دَارُ الْـمَعْرِفَةِ لِلطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ: بَيْرُوت – لُبْنَان
    (2) الْزَّوَاجِر عَنِ اقْتِرَافِ الْكَبَائِر لِخَاتِمَة الْـمُحَقِّقِيْنَ الْشِّهَاب ابْن حَجَر الْهَيْتَمِي الْشَّافِعِي (1/81)، مَطْبَعَةُ حِجَازِي بِالْقَاهِرَة، طَبْعَة: 1356هـ


    كتبه : فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع




    #الْسَّادَة_الْأَشَاعِرَة (19)


    قَالَ خَاتِمَةُ الْـمُحَقِّقِينَ وَعُمْدَةُ ذَوِي الفَضَائِلِ مِنَ الْـمُدَقِّقِينَ الْإِمَام مُرْتَضَى الْزَّبِيدِي الْحُسَيْنِي الْأَشْعَرِي (1145هـ-1205هـ): ((إِذَا أُطْلِقَ أَهْلُ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَالْـمُرَادُ بِهِم: الْأَشَاعِرَةُ وَالْـمَاتُرِيْدِيَّةُ.


    قَالَ الْخَيَالِي فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْعَقَائِدِ: "الْأَشَاعِرَةُ هُمْ أَهْلُ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ هَذَا هُوَ الْـمَشْهُورُ فِي دِيَارِ خُرَاسَان وَالْعِرَاق وَالْشَّام وَأَكْثَر الْأَقْطَارِ، وَفِي دِيَارِ مَا وَرَاءَ الْنَّهْرِ يُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَى الْـمَاتُرِيْدِيَّةِ أَصْحَاب الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُور، وَبَيْنَ الْطَّائْفَتَيْنِ اخْتِلَافٌ فِي بَعْضِ الْـمَسَائِلِ كَمَسْأَلَةِ الْتَّكْوِيْنِ وَغَيْرِهَا".اهــ.


    وَقَالَ الْكسْتَلِي فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ: "الْـمَشْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ فِي دِيَارِ خُرَاسَان وَالْعِرَاق وَالْشَّام وَأَكْثَر الْأَقْطَارِ هُمْ: الْأَشَاعِرَةُ؛ أَصْحَابُ أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِيَّ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ أَبَا عَلِي الْجُبَّائِي وَرَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ إِلَى الْسُّنَّةِ: أَيْ طَرِيْق الْنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، وَالْجَمَاعَةِ: أَيْ طَرْيْقَة الْصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وَفِي دِيَارِ مَا وَرَاءَ الْنَّهْرِ: الْـمَاتُرِيْدِيَّةُ أَصْحَابُ أَبِي مَنْصُور الْـمَاتُرِيدِيَّ تِلْمِيْذ أَبِي نَصْر الْعِيَاضِي تِلْمِيْذ أَبِي بَكْر الْجَوْزَجَانِي صَاحِب أَبِي سُلَيْمَان الْجَوْزَجَانِي صَاحِب مُحَمَّد بْن الْحَسَن صَاحِب الْإِمَام أَبِي حَنِيْفَة. وَبَيْنَ الْطَّائِفَتَيْنِ اخْتِلَافٌ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ كَمَسْأَلَةِ الْتَّكْوِيْنِ، وَمَسْأَلَة الاِسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيْمَانِ، وَمَسْأَلَة إِيْمَان الْـمُقَلِّد، وَالْـمُحَقِّقُونَ مِنَ الْفَرِيْقَيْنِ لَا ينْسِبُ أَحَدهَمَا الْآخَر إِلَى الْبِدْعَةِ وَالْضَّلَالَةِ".اهــ


    وَقَالَ ابْنُ الْسُّبْكِي فِي شَرْحِ عَقِيْدَة ابْنِ الْحَاجِب: "اعْلَم أَنَّ أَهْل الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ كُلّهُم قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى مُعْتَقَدٍ وَاحِدٍ فِيْـمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَسْتَحِيْلُ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْطُّرُقِ وَالْـمَبَادِي الْـمُوصِلَةِ لِذَلِكَ أَوْ فِي لِـمِّيَّةِ مَا هُنَالِكَ، وَبِالْجُمْلَةِ؛ فَهُمْ بِالاِسْتِقْرَاءِ ثَلَاث طَوَائِف:


    [الْأُوْلَى]: أَهْلُ الْحَدِيْثِ، وَمُعْتَمَدُ مَبادِيْهِم الأَدِلَّة الْسَّمْعِيَّة أَعْنِي الْكِتَاب وَالْسُّنَّة وَالْإِجْمَاع.


    وَالْثَّانِيَة: أَهْلُ الْنَّظَرِ الْعَقْلِيِّ، وَالْصِّنَاعَةِ الْفِكْرِيَّةِ، وَهُم: الْأَشْعَرِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَشَيْخُ الْأَشْعَرِيَّةِ: أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ، وَشَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ: أَبُو مَنْصُورٍ الْـمَاتُرِيْدِيَّ، وَهُم مُتَّفِقُونَ فِي الْمَبَادِي الْعَقْلِيَّةِ فِي كُلِّ مَطْلَبٍ يَتَوَقَّفُ الْسَّمْع عَلَيْهِ، وَفِي الْـمَبَادِي الْسَّمْعِيَّةِ فِيْـمَا يُدْرِكُ الْعَقْل جَوَازهُ فَقَط، وَالْعَقْلِيَّة وَالْسَّمْعِيَّة فِي غَيْرِهَا، وَاتَّفَقُوا فِي جَمِيْعِ الْـمَطَالِبِ الاِعْتِقَادِيَّةِ إِلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْتَّكْوِينِ وَمَسْألَةِ الْتَّقْلِيْدِ.


    الْثَّالِثَةُ: أَهْلُ الْوُجْدَانِ وَالْكَشْفِ، وَهُم: الْصُّوفِيَّة، وَمَبَادِيْهِم مَبَادِي أَهْلِ الْنَّظَرِ وَالْحَدِيثِ فِي الْبِدَايَةِ، وَالْكَشْفِ وَالاِلْهَامِ فِي الْنِّهَايَةِ".اهــ


    وَلِيُعْلَم أَنَّ كُلًّا مِنَ الْإِمَامَيْنِ أَبِي الْحَسَن وَأَبِي مَنْصُور رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَجَزَاهُمَا عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا لَـمْ يُبْدِعَا مِنْ عِنْدِهِمَا رَأْيًا وَلَـمْ يَشْتَقَّا مَذْهَبًا، إِنَّـمَا هُمَا مُقَرِّرَانِ لِـمَذَاهِب الْسَّلَفِ، مُنَاضِلَانِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ، فَأَحَدهَمَا قَامَ بِنُصْرَةِ نُصُوصِ مَذْهَبِ الْشَّافِعِي وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، وَالْثَّانِي قَامَ بِنُصْرَةِ مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَة وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، وَنَاظَرَ كُلّ مِنْهُمَا ذَوِي الْبِدَعِ وَالْضَّلَالَاتِ حَتَّى انْقَطَعُوا وَوَلَّواْ مُنْهَزِمِيْنَ. وَهَذَا فِي الْحَقِيْقَةِ هُوَ أَصْلُ الْجِهَادِ الْحَقِيْقِي الَّذِي تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ، فَالاِنْتِسَابُ إِلَيْهِمَا إِنَّـمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقَدَ عَلَى طَرِيْقِ الْسَّلَفِ نِطَاقًا، وَتَمَسَّكَ [بِهِ]، وَأقَامَ الْحُجَج وَالْبَرَاهِين عَلَيْهِ فَصَارَ الْـمُقَتَدِي بِهِ فِي تِلْكَ الْـمَسَائِل وَالْدَّلَائْل يُسَمَّى: أَشْعَرِيًّا وَمَاتُرِيْدِيًّا.


    وَذَكَرَ الْعِزُّ بْنُ عَبْد الْسَّلَام أَنَّ عَقِيْدَةَ الْأَشْعَرِي أَجْمَعَ عَلَيْهَا: الْشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَفُضَلَاءُ الْحَنَابِلَةِ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهَا شَيْخُ الْـمَالِكِيَّةِ فِي زَمَانِهِ أَبُو عَمْرٍو بْنُ الْحَاجِبِ، وَشَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ جَمَالُ الْدِّينِ الْحَصِيرِيُّ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْتَّقِي الْسُّبْكِي فِيْمَا نَقَلَهُ عَنْهُ وَلَدهُ الْتَّاج))(1)


    وَقَالَ أَيْضًا: ((وَالْـمُرَادُ بِأَهْلِ الْسُّنَّةِ هُم الْفِرَقُ الْأَرْبَعَة: الْـمُحَدِّثُونَ، وَالْصُّوفِيَّةُ، وَالْأَشَاعِرَةُ، وَالْـمَاتُرِيْدِيَّةُ))(2)
    ____________________
    (1) إِتْحَافُ الْسَّادَةِ الْـمُتَّقِينَ بِشَرْحِ إِحْيَاءِ عُلُومِ الْدِّينِ (2/6-7)، مُؤَسَّسَةُ الْتَّارِيخ الْعَرَبِي: بَيْرُوت-لُبْنَان، طَبْعَة: 1414هـ-1994م
    (2) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: (2/86)


    كتبه : فضيلة الشيخ ياسين بن ربيع
    لا اله الا الله محمد رسول الله

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP html  PHP  info tags Maps maptags vbmaps

الساعة معتمدة بتوقيت جرينتش +3 . الساعة الآن : 18:35.
الموقع غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
فعلى كل شخص تحمل مسئولية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق وأعطاء معلومات موقعه
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع الأشاعرة و لا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)
الساعة الآن 03:48 AM
Powered by vBulletin® Version 4.2.3
Copyright © 2019 vBulletin Solutions, Inc. Translate By soft